Admin مدير المنتدى
عدد المساهمات : 18994 التقييم : 35488 تاريخ التسجيل : 01/07/2009 الدولة : مصر العمل : مدير منتدى هندسة الإنتاج والتصميم الميكانيكى
| موضوع: تعس عبد الدرهم السبت 14 ديسمبر 2013, 6:02 pm | |
|
ـ التعاسة ! ـ إذا لم تظهر البطاقة اضغط هنا (حديث مرفوع) مُحَمَّدٌ ، قثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أَعْطَى رَضِيَ وَإِنْ مَنَعَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَشْعَثُ رَأْسُهُ مُغْبَرَةٌّ قَدَمَاهُ ، إِنْ كَانَتِ السِّيَاقَةُ كَانَ فِي السِّيَاقَةِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْحِرَاسَةُ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشْفَعْ ، طُوبَى لَهُ وَطُوبَى لَهُ " .
وقفات مع حديث (تعس عبد الدينار) - للشيخ : ( محمد المنجد )
عابد المال: إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الدينار بأنه إذا شيك فلا انتقش عبد الدينار وشدة تعلقه بالمال الموقف الشرعي من المال
ما هو موقف المؤمن من المال؟ ما هو الموقف الشرعي من المال؟ هل يطلبه الإنسان؟ الجواب: نعم: الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نمشي في مناكبها ونأكل من رزقه، وهذا المشي يعني طلب للمال، هل نحافظ على المال؟ نعم: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً [النساء:5]. المال بالنسبة للعبد نوعان: نوعٌ يحتاج إليه، ونوعٌ لا يحتاج إليه، فما كان محتاجاً إليه من طعامٍ أو شرابٍ أو منكحٍ أو مسكنٍ ونحو ذلك، فهذا يطلبه من الله، ويسعى في سبيل تحصيله بالأسباب المباحة، فإذا حصَّل المال هذا، فهو يستفيد منه ويستخدمه في طاعة الله، ينوي به التقرب إلى الله حتى في المباحات ليس في الصدقات، لكنه -وهذه هي النقطة المهمة جداً جداً- لا يتعلق قلبه به، الإنسان قد يسعى في تحصيل المال، لكن لا يتعلق قلبه به، دعونا لنضرب أمثلة كما ذكر ابن تيمية رحمه الله، فيقول: يكون المال عنده يستعمله في حاجته، بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، وبيت الخلاء الذي يقضي حاجته فيه. فالإنسان يحتاج إلى مركب أم لا؟ من قديم كانوا يحتاجون الدواب كالحمير والبغال والجمال، يحتاج حماراً يركبه، وبساطاً يجلس عليه وبيت خلاء يدخل ليقضي حاجته فيه، لكن هل الواحد يحب الحمار جداً وقلبه يعشق الحمار، أو أنه متيم ببيت الخلاء ومتعلقٌ به ولا يصبر على مفارقته، فهذه هي النقطة التي من أدركها فقد أدرك نظرة الإسلام إلى المال، يريد الله تعالى منا أن نكون عباداً نسعى لتحصيل المال وإنفاقه في طاعة الله دون أن نتعلق به، فإذا كان المال عندك مثل الحمار الذي تركبه، أنت لا تستغني عن الدواب، أنت تحتاجها وتشتريها وتبحث عنها وعن الجيد منها، وتسعى لذلك، لكنك لا تعشقها، وأنت أيضاً تحتاج إلى بيت الخلاء، ولكنك لست متيماً ببيت الخلاء ولا عاشقاً له. إذاً: من كان المال عنده بهذه المثابة، فهو على خير وهذا هو المطلوب. النوع الثاني من الأموال وهو: الأموال التي لا تحتاج إليها، الزائدة عن حاجتك، فهذه لا تتبعها نفسك، إذا حصلت لك، أنفقت منها في سبيل الله، وإذا ما حصلت لك، فأنت غير محتاج إليها أصلاً، فهذه لا ينبغي أن يتعلق بها القلب، فإذا تعلق القلب بها صار مستعبداً لها، معتمداً على غير الله فيها، فلا يبقى في القلب توكل ولا شعبة من التوكل. إذاً هذه النظرة الشرعية للمال، كيف يجب أن يكون موقفنا من المال؟ نأخذه من الحلال، وننفقه في الحلال، ولا نعبده ولا نسخط إذا حرمنا ونرضى إذا أعطينا، وما نحتاج إليه نسعى إليه، وما لا نحتاج إليه لا نتعلق به، وما حصل لنا منه، فلسنا نحبه ونتيم به ونهيم من أجله، ولا يكون حبنا من أجل المال وكربنا من المال، ومن أعطانا أحببناه ومن منعنا كرهناه، ونؤدي حق الله فيه من الزكاة والصدقات، ونصل منه أرحامنا، ونفعل فيه بالمعروف: (نعم المال الصالح للرجل الصالح) فإذا كانت هذه هي العلاقة بالمال، فنحن على خيرٍ عظيم.
صفات رجل من أهل الجنة من صفات هذا الرجل أنه لا يحب الشهرة ولا الرئاسة هذا الرجل دائماً مستعد للجهاد في سبيل الله من صفات هذا الرجل أنه كالغيث أينما حل نفع الناس في متاع الدنيا على قسمين
هذا الحديث قسَّم الناس إلى قسمين: القسم الأول: ليس له هم إلا الدنيا، إما لتجميع المال، أو لتجميل الحال، فاستعبدت الدنيا قلبه حتى اشغلته عن ذكر الله. القسم الثاني: من أكبر همه الآخرة، فهو يسعى لها ولو في أعلى المشقات، وأصعب المهمات، والحديث يفيد أيضاً أن الذي ليس له هم إلا الدنيا قد تنقلب عليه الأمور، ولا يستطيع أن يصيب من الدنيا. ولذلك تجد بعض هؤلاء من التجار الفجار في النهاية يجعله الله عز وجل في نكبة، لا يستطيع أن يعمل أو يداوم أو يسافر، وحتى الأكل لا يتهنأ بالأكل، توضع أمامه المأكولات يقول: أنا ممنوع من هذا، وممنوع من هذا، وممنوع من هذا، يأخذ قليلاً من الخضار المسلوقة ويكفي، هذا كل ما يستطيع أن يأكله، فهو محروم. أهمية الشفاعة الحسنة للمحتاجين
كذلك في هذا الحديث أن الرتب في الدنيا ليست بشيء، لا مدير عام، ولا مدير عام مساعد، كل هذا ليس بشيء مهما طالت الألقاب لا تعني عند الله شيئاً، فلا ينفع عند الله إلا من جاء بقلبٍ سليم وعملٍ صالح، وإنَّ دنو المرتبة عند الناس لا تستلزم دنوها عند الله، بل هذا الرجل الآن مدفوع بالأبواب. كذلك في الحديث أهمية الشفاعة الحسنة، يعني: أن الإنسان يتوسط في الخير للأشخاص الآخرين، أي شخص يريد منك واسطة خير فقدمها له، إن في الجاه زكاة كما في المال زكاة، ولما فعل بعض السلف شفع واحد لشخص عند الأمير في حاجة، فقضيت الحاجة، فجاء يشكره -جاء يشكر هذا الرجل الذي شفع له- فقال: علام تشكرني؟ نحن نرى أن للجاه زكاةً كما أن للمال زكاة. مثلما أن للمال زكاة، كذلك للجاه زكاة، فأنا أديت زكاة جاهي وشفعتُ لك عند الأمير، أنا عملت الواجب علي، وليس أني عملتُ معروفاً أو نافلةً حتى تشكرني عليها، أنا عملت الواجب، ما دمت أني معروف والناس يقدرونني، فأقوم بذلك زكاةً واجبةً علي في الجاه، كما أن الزكاة واجبة في المال. وكذلك في هذا الحديث: أنه قال: ( تعس عبد الدينار ) ولم يقل مالك الدينار؛ لأن الملك في حد ذاته ليس عيباً، وإنما العيب أن تستعبده الدنيا، وليس أن يملكها، ولذلك قيل للإمام أحمد رحمه الله: أيكون الرجل زاهداً وله مائة ألف؟ قال: نعم. بشرط ألا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت، لكن هل هذه سهلة، هل تتصورون يا إخوان أنه سهل للإنسان إذا جاءه مليون فجأةً ألا يفرح، وإذا خسر مليوناً فجأةً ألا يحزن؟! هذه مسألة صعبةٌ جداً جداً، فليست القضية بهذه السهولة، وكون المال يكون عند الواحد إذا جاء وإذا ذهب سواء، من الذي يصل إلى هذه المرتبة؟! الناس أنواع عند تكليفهم بالمهمات
هذا بعض ما اشتمل عليه هذا الحديث، وبالإضافة إلى مسألة إتقان المهمات، الآن نجد أن من الإشكالات الكبيرة أن يوكل الواحد بمهمة ثم ينسحب منها، أو يأباها، والناس مع المهمات أنواع: هناك أناس يهربون من المهمات هرباً لا يريد أن يقوم بأي مهمة، كسلان متواكل متخاذل، وهناك أناس لا يقبل مهمة إلا بعد رجاء وتقبيل الرأس واليدين، وهناك أناس يقبل المهمة ثم ينسحب منها في أولها أو في وسط الطريق ويسبب كارثة، وهناك أناس يقبل المهمة ثم لا يعطيها ولا يقوم بها حق قدرها ولا يقدرها حق قدرها ولا يقوم بها كحق القيام، ولذلك تكون أيضاً كارثة، قلة من الناس من يتقدم ليتحمل المسئولية على الوجه الذي يرضي الله، وقلة من الناس الذين إذا كلفوا بشيء أتقنوه. بينما هذا الرجل: إذا كلف بشيء أتقنه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، قائمٌ بحقها، فإذاً الأشخاص والمهمات، موقع الأشخاص أو تفاعل الأشخاص مع المهمات، هذه مسألة مهمة جداً وتحتاج إلى تبيين ودراسة وتمحيص؛ لأن كثيراً من الفشل يعود إلى بعض هذه الأسباب التي ذكرناها؛ من قضية الإعراض عن تحمل المسئولية، وقضية أنه لا يتحملها إلا بعد ترجٍ، وقضية أنه ينسحب في أثنائها، أو يقصر في أدائها، هذه من الكوارث التي أدت إلى فشل أعمال كثيرة للمسلمين. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يعملون لنصرة دينهم، ويتحملون مسئوليات هذا الدين، نسأله أن يجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، نسأله أن يجعلنا ممن استعملهم في طاعته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|
|