Admin مدير المنتدى
عدد المساهمات : 18996 التقييم : 35494 تاريخ التسجيل : 01/07/2009 الدولة : مصر العمل : مدير منتدى هندسة الإنتاج والتصميم الميكانيكى
| موضوع: الرقية بالمعوذات الأربعاء 19 مارس 2014, 12:37 am | |
|
الرقية بالمعوذات إذا لم تظهر البطاقة اضغط هنا باب الرقى بالقرآن والمعوذات فتح الباري شرح صحيح البخاري
5403 حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها فسألت الزهري كيف ينفث قال كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه
الحاشية رقم: 1 قوله : ( باب الرقى ) بضم الراء وبالقاف مقصور : جمع رقية بسكون القاف ، يقال رقى بالفتح في الماضي يرقي بالكسر في المستقبل ، ورقيت فلانا بكسر القاف أرقيه ، واسترقى طلب الرقية ، والجمع بغير همز ، وهو بمعنى التعويذ بالذال المعجمة .
قوله : ( بالقرآن والمعوذات ) هو من عطف الخاص على العام ، لأن المراد بالمعوذات سورة الفلق والناس والإخلاص كما تقدم في أواخر التفسير ، فيكون من باب التغليب . أو المراد الفلق والناس وكل ما ورد من التعويذ في [ ص: 206 ] القرآن كقوله - تعالى - : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وغير ذلك ، والأول أولى ، فقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من رواية عبد الرحمن بن حرملة عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكره عشر خصال فذكر فيها الرقى إلا بالمعوذات ، وعبد الرحمن بن حرملة قال البخاري لا يصح حديثه ، وقال الطبري لا يحتج بهذا الخبر لجهالة راويه ، وعلى تقدير صحته فهو منسوخ بالإذن في الرقية بفاتحة الكتاب ، وأشار المهلب إلى الجواب عن ذلك بأن في الفاتحة معنى الاستعاذة وهو الاستعانة فعلى هذا يختص الجواز بما يشتمل على هذا المعنى ، وقد أخرج الترمذي وحسنه والنسائي من حديث أبي سعيد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها . وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين ، بل يدل على الأولوية ، ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما ، وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ، وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط : أن يكون بكلام الله - تعالى - أو بأسمائه وصفاته ، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره ، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله - تعالى - . واختلفوا في كونها شرطا ، والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة ، ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال : كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك وله من حديث جابر نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرقى ، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا : يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب ، قال : فعرضوا عليه فقال : ما أرى بأسا ، من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك يمنع ، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا ، والشرط الآخر لا بد منه . وقال قوم لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة كما تقدم في " باب من اكتوى " من حديث عمران بن حصين لا رقية إلا من عين أو حمة ، وأجيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصلا كل ما يحتاج إلى الرقية ، فيلتحق بالعين جواز رقية من به خبل أو مس ونحو ذلك لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ، ويلتحق بالسم كل ما عرض للبدن من قرح ونحوه من المواد السمية . وقد وقع عند أبي داود في حديث أنس مثل حديث عمران وزاد " أو دم " وفي مسلم من طريق يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أنس قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرقى من العين والحمة والنملة وفي حديث آخر " والأذن " ولأبي داود من حديث الشفاء بنت عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : ألا تعلمين هذه - يعني حفصة - رقية النملة والنملة قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد ، وقيل المراد بالحصر معنى الأفضل ، أي لا رقية أنفع كما قيل : لا سيف إلا ذو الفقار ، وقال قوم : المنهي عنه من الرقى ما يكون قبل وقوع البلاء ، والمأذون فيه ما كان بعد وقوعه ، ذكره ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما ، وفيه نظر ، وكأنه مأخوذ من الخبر الذي قرنت فيه التمائم بالرقى ، فأخرج أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من طريق ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود عنها عن ابن مسعود رفعه إن الرقى والتمائم والتولة شرك وفي الحديث قصة ، والتمائم جمع تميمة وهي خرز أو قلادة تعلق في الرأس ، كانوا في الجاهلية يعتقدون أن ذلك يدفع الآفات ، والتولة بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففا شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها ، وهو ضرب من السحر ، وإنما كان ذلك من الشرك لأنهم أرادوا دفع المضار وجلب المنافع من عند غير الله ، ولا يدخل في ذلك ما كان بأسماء الله وكلامه ، فقد ثبت في الأحاديث استعمال ذلك قبل وقوعه كما سيأتي قريبا في " باب المرأة ترقي الرجل " من حديث عائشة أنه [ ص: 207 ] - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه ينفث بالمعوذات ويمسح بهما وجهه الحديث ، ومضى في أحاديث الأنبياء حديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعوذ الحسن والحسين بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة الحديث ، وصحح الترمذي من حديث خولة بنت حكيم مرفوعا من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يتحول وعند أبي داود والنسائي بسند صحيح عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم جاء رجل فقال : لدغت الليلة فلم أنم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك والأحاديث في هذا المعنى موجودة ، لكن يحتمل أن يقال : إن الرقى أخص من التعوذ ، وإلا فالخلاف في الرقى مشهور ، ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله - تعالى - والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع . وقال ابن التين : الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني ، إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله - تعالى - ، فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم ، ويقال : إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم أعداء بني آدم ، فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت من مكانها ، وكذا اللديغ إذا رقي بتلك الأسماء سالت سمومها من بدن الإنسان ، فلذلك كره من الرقى ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من الشرك ، وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة . وقال القرطبي : الرقى ثلاثة أقسام ، أحدها ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى الشرك . الثاني : ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز ، فإن كان مأثورا فيستحب . الثالث : ما كان بأسماء غير الله من ملك أو صالح أو معظم من المخلوقات كالعرش ، قال : فهذا ليس من الواجب اجتنابه ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه فيكون تركه أولى ، إلا أن يتضمن تعظيم المرقى به فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله - تعالى - . قلت : ويأتي بسط ذلك في كتاب الأيمان إن شاء الله - تعالى - . وقال الربيع : سألت الشافعي عن الرقية فقال : لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله ، قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟ قال : نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله ا هـ . وفي " الموطأ " أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقي عائشة : ارقيها بكتاب الله . وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال : لم يكن ذلك من أمر الناس القديم . وقال المازري : اختلف في استرقاء أهل الكتاب فأجازها قوم وكرهها مالك لئلا يكون مما بدلوه . وأجاب من أجاز بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه ، وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول والحاذق يأنف أن يبدل حرصا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته . والحق أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال . وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف لئلا يكون فيها كفر . وسيأتي الكلام على من منع الرقى أصلا في " باب من لم يرق " بعد خمسة أبواب إن شاء الله - تعالى - .
قوله : ( هشام ) هو ابن يوسف الصنعاني .
قوله : ( كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ) دلالته على المعطوف في الترجمة ظاهرة ، وفي دلالته على المعطوف عليه نظر ، لأنه لا يلزم من مشروعية الرقى بالمعوذات أن يشرع بغيرها من القرآن لاحتمال أن يكون في المعوذات سر ليس في غيرها . وقد ذكرنا من حديث أبي سعيد أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك ما عدا [ ص: 208 ] المعوذات ، لكن ثبتت الرقية بفاتحة الكتاب فدل على أن لا اختصاص للمعوذات ، ولعل هذا هو السر في تعقيب المصنف هذه الترجمة بباب الرقى بفاتحة الكتاب ، وفي الفاتحة من معنى الاستعاذة بالله الاستعانة به ، فمهما كان فيه استعاذة بالله أو استعانة بالله وحده أو ما يعطي معنى ذلك فالاسترقاء به مشروع . ويجاب عن حديث أبي سعيد بأن المراد أنه ترك ما كان يتعوذ به من الكلام غير القرآن ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله في الترجمة " الرقى بالقرآن " بعضه فإنه اسم جنس يصدق على بعضه ، والمراد ما كان فيه التجاء إلى الله سبحانه ، ومن ذلك المعوذات ، وقد ثبت الاستعاذة بكلمات الله في عدة أحاديث كما مضى . قال ابن بطال : في المعوذات جوامع من الدعاء . نعم أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك ، فلهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكتفي بها . قلت : وسيأتي في " باب السحر " شيء من هذا ، وقوله " في المرض الذي مات فيه " ليس قيدا في ذلك وإنما أشارت عائشة إلى أن ذلك وقع في آخر حياته وأن ذلك لم ينسخ .
قوله : ( أنفث عنه ) في رواية الكشميهني " عليه " وسيأتي باب مفرد في النفث في الرقية .
قوله : ( وأمسح بيده نفسه ) بالنصب على المفعولية أي امسح جسده بيده ، وبالكسر على البدل ، وفي رواية الكشميهني " بيد نفسه " وهو يؤيد الاحتمال الثاني . قال عياض : فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر ، وقد يكون على سبيل التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض كانفصال ذلك عن الراقي انتهى . وليس بين قوله في هذه الرواية " كان ينفث على نفسه " وبين الرواية الأخرى " كان يأمرني أن أفعل ذلك " معارضة لأنه محمول على أنه في ابتداء المرض كان يفعله بنفسه وفي اشتداده كان يأمرها به وتفعله هي من قبل نفسها .
قوله : ( فسألت الزهري ) القائل معمر ، وهو موصول بالإسناد المذكور ، وفي الحديث التبرك بالرجل الصالح وسائر أعضائه وخصوصا اليد اليمنى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
|
|