Admin مدير المنتدى
عدد المساهمات : 18992 التقييم : 35482 تاريخ التسجيل : 01/07/2009 الدولة : مصر العمل : مدير منتدى هندسة الإنتاج والتصميم الميكانيكى
| موضوع: لطائف من بيوت النبوة الإثنين 25 يناير 2016, 12:00 am | |
|
لطائف من بيوت النبوة
هديه وسمته صلى الله عليه وسلم
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (( لم يكن رسول الله فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح )) . فهذه عائشة ابنة الصديق رضي الله عنها خير من يعرف خلق النبي وأدق من يصف حاله فهي القريبة منه في النوم واليقظة والمرض والصحة والغضب والرضا . (( وكان أفصح خلق الله ، وأعذبهم كلاماً ، وأسرعهم أداء ، وأحلاهم منطقاً ، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ، ويسبي الأرواح )) . ويشهد له بذلك أعداؤه ، وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد ، ليس بهذ مسرع ولا منقطع تخلله السكتات يبين أفراد الكلام ، بل هديه فيه أكمل الهدي ، قالت عائشة رضي الله عنها : (( ما كان رسول الله يسرد سردكم هذا ، ولكن يتكلم بكلام بيِّن فصل يحفظه من جلس إليه )) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليعقل عنه ، وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلام ، فصل لا فضول ولا تقصير ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ، وإذا كره الشيء عُرف في وجهه ، وكان جل ضحكه التبسم ، بل كله التبسم ، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه ) (1) . يتبع في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى
(1) زاد المعاد ( 1/183 ) .
**************************************************
حاله في بيته وعيشه صلى الله عليه وسلم
عن الأسود قال: سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج للصلاة)(1). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) رواه أحمد وقال العراقي: رجاله رجال الصحيح. وعن عمرة: قيل لعائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته قالت: (كان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه)(2). هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم في بيته، فهو خلف الغرف والجدران لا يراه أحد من البشر وهو مع مملوكه أو خادمه أو زوجته يتصرف على السجية دون رتوش ولا مجاملات، وهو السيد الآمر الناهي في هذا البيت، وكل من تحت يده ضعفاء. هكذا كان رسول هذه الأمة وقائدها ومعلمها صلى الله عليه وسلم في بيته مع هذه المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة، إنه نموذج للتواضع وعدم الكبر وتكليف الغير والاعتماد على النفس، إنه شريف المشاركة ونبيل الإعانة، وصفوة ولد آدم يقوم بكل ذلك)(3). وهو مع كل ذلك لا يجد ما يملأ بطنه صلى الله عليه وسلم قال النعمان بن بشير -رضي الله عنه- وهو يذكر حال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي وما يجد من الدقل – رديء التمر – ما يملأ بطنه) رواه مسلم. وعن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (إن كنا آل محمد نمكث شهراً ما نستوقد بنار إن هو إلا التمر والماء) رواه البخاري. وروى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض). وروى أيضاً عنها أنها قالت لعروة: (ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول اللهصلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه). وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز وزيت في يوم واحد مرتين). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير في اليوم الواحد غداء وعشاء) رواه مسلم. وروى الترمذي عن ابن عباس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة وأهله طاوين لا يجدون عشاء)هكذا كان يختار صلى الله عليه وسلم ذلك لنفسه مع إمكان حصول التوسع في الدنيا له، وكان يدعو: (اللهم أرزق آل محمد قوتاً) رواه البخاري. وفي رواية: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً). قال ابن بطال: (فيه دليل على فضل الكفاف وأخذ البلغة من الدنيا والزهد فيما فوق ذلك رغبة في توفر نعيم الآخرة وإيثاراً لما يبقى على ما يفنى، فينبغي أن تقتدي به أمته في ذلك). وقال القرطبي: (معنى الحديث: أنه طلب الكفاف، فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة، وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغنى والفقر جميعاً)(4). ************************************************** مظاهر من رحمته صلى الله عليه وسلم لنسائه
عن أم عبد الله ابنة أبي القين المزني قالت: كنت آلف صفية من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تحدثني عن قومها ، وما كانت تسمع منهم ، قالت: خرجنا حيث أجلانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا بخيبر فتزوجني كنانة بن أبي الحقيق فأعرس بي قبيل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام ، وذبح جزراً ودعا يهود ، وحوّلني في حصنه بسلالم ، فرأيت في النوم كأن قمراً أقبل من يثرب يسير حتى وقع في حجري ، فذكرت ذلك لكنانة زوجي فلطم عيني فاخضّرت ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلت عليه ، فسألني فأخبرته ، قالت: وجعلت يهود ذراريها في الكتيبة وجردوا حصون النطاه للمقاتلة ، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وافتتح حصون النطاه دخل علي كنانة فقال: قد فرغ محمد من أهل النطاه ، وليس ههنا أحد يقاتل وقد قُتلت يهود حيث قتل أهل النطاه وكذّبتنا الأعراب . فحوّلني إلى حصن النزاز بالشق ، قالت: وهو أحصن ما عندنا فخرج حتى أدخلني وبنت عمي ونسيات معنا فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قبل الكتيبة ، فسبيت في النزاز قبل أن ينتهي النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكتيبة ، فأرسل بي إلى رحله ، ثم جاءنا حين أمسى فدعاني، فجئت وأنا متقنعة حيية ، فجلست بين يديه ، فقال: " إن قمت على دينك لم أكرهك ، وإن اخترت الإسلام واخترت الله ورسوله فهو خير لك ". قالت: أختار الله ورسوله والإسلام . فأعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوّجني وجعل عتقي مهري ، فلما أراد أن يخرج إلى المدينة قال أصحابه: اليوم نعلم أزوجة أم سرية ؟ فإن كانت امرأته فسيحجبها وإلا فهي سرية . فلما خرج أمر بستر فسترت به فعرفوا أني زوجة ، ثم قدم إلي البعير وقدَّم فخذه لأضع رجلي عليها فأعظمت ذلك ووضعت فخذي على فخذه ، ثم ركبت ، فكنت ألقى من أزواجه يفخرن علي يقلن يا بنت اليهودي وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلطف بي ويكرمني ، فدخل علي يوماً وأنا أبكي ، فقال: " مالك "؟ فقلت: أزواجك يفخرن علي ويقلن بنت اليهودي، قالت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب ، ثم قال: " إذا قالوا لك أو فاخروك فقولي أبي هارون وعمي موسى "(1) . وفضلها بين فيه لأنه كان يغضب لغضبها ويركبها على فخذه وكونه نسبها إلى الأنبياء صلوات الله عليهم فتأمـــل معي هذه الكلمات وليكن لنا معها وقفـة ( فلطم عيني فاخضّرت ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلت عليه ، فسألني فأخبرته ) ( وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلطف بي ويكرمني ، فدخل علي يوماً وأنا أبكي ، فقال:" مالك "؟ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب ، ثم قال:" إذا قالوا لك أو فاخروك فقولي أبي هارون وعمي موسى " ) فتأمـل حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تفقد حال أهله ، ومشاركته الوجدانية لهم فهو يغضب لغضبهم ويحزن لحزنهم ، ثم توجيهه صلى الله عليه وسلم لهم ذلك التوجيه السهل الذي خلا من مبادلة التجريحبمثله والسيئة بمثلها ، ومع هذا يقطع شأفة الغيرة بالحق (فقولي أبي هارون وعمي موسى عليهما السلام ) (إن قمت على دينك لم أكرهك ، وإن اخترت الإسلام واخترت الله ورسوله فهو خير لك ). من المعلوم أن المرأة الأسيرة تكون عندئذ في غاية الضعف والخوف ، لكن من رحمة الإسلام ورحمة رسول الإسلام رحمة المرأة أيّاً كانت ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدؤها بنفي الإكراه حتى تطمئن نفسها ويذهب روعها ، ثم يشير عليها بالإسلام الذي هو خير لها ، ثم لما اختارت الإسلام كافأها أعظم مكافأة ؛ أعتقها وتزوجها عليه الصلاة والسلام . ( ثم قدم إلي البعير وقدَّم فخذه لأضع رجلي عليها فأعظمت ذلك ووضعت فخذي على فخذه ، ثم ركبت ) وفي هذا غاية التواضع من أعظم رجل وسيد هذه الأمة ، مما يدل على أن رفق الرجل بامرأته وإعانتها لا ينقص من قدره شيئاً ولنـــا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .
(1) أخرجه ابن عساكر في كتابه الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين ص100 وقال : هذا حديث حسن صحيح وقد أخرج البخاري قصة تزويجه بها وضرب الحجاب عليها كونها كانت تركب علىلتوا رجله صلى الله عليه وسلم عن عبد الغفار وعن أحمد بن عيسى من حديث يعقوب بن عبد الرحمن من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وقد أخرج أبو عيسى الترمذي آخر هذا الحديث في جامعه عن عبد بن حميد الكشي ]. هو سنن الترمذي باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ح3894-5/709 . وصححه الألباني .
**************************************************
زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : (( أولم النبي صلى الله عليه وسلم لزينب فأوسع المسلمين خبزاً ولحماً فخرج – كما يصنع إذا تزوج – فأتى حجر أمهات المؤمنين يدعو ويدعون له ثم انصرف فرأى رجلين فرجع لا أدري آخبرته أو أخبر بخروجهما )) . وروى عنه أيضاً قال : (( بُني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم ، فأرسلت على الطعام داعياً فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون ، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو فقلت : يا نبي الله ما أجد أحداً أدعوه ، فقال : ارفعوا طعامكم ، وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة ، فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله ، فقالت : وعليك السلام ورحمة الله ، كيف وجدت أهلك ، بارك الله لك ، فتقرَّى (1) حجر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة ، ويقلن له كما قالت عائشة ، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون – وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء – فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة ، فما أدري آخبرته أم أخبر أن القوم خرجوا ، فرجع حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب )) . وعنه أيضاً قال : (( ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب ، أولم بشاة )) . قال ابن بطال : ( أن ذلك لم يقع قصداً لتفضيل بعض النساء على بعض بل باعتبار ما اتفق ، وأنه لو وجد الشاة في كل منهن لأولم بها ، لأنه كان أجود الناس ، ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في التأنق ) . وقال الكرماني : ( لعل السبب في تفضيل زينب في الوليمة على غيرها كان للشكر لله على ما أنعم به عليه من تزويجه إياها بالوحي ) (2) .
(1) أي تتبع . (2) فتح الباري ( 9/238 ) . **************************************************
زواجه صلى الله عليه وسلم من أم سلمة رضي الله عنها
أخرج البخاري عن صفية بنت شيبة قالت : (( أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير )) . قال ابن حجر : (لم أقف على تعيين اسمها صريحاً ، وأقرب ما يفسر به أم سلمة ، فقد أخرج ابن سعد عن شيخه الواقدي بسندٍ له إلى أم سلمة قالت : (( لما خطبني النبي صلى الله عليه وسلم - فذكر قصة تزويجه بها – فأدخلني بيت زينب بنت خزيمة فإذا جرة فيها شيء من شعير ، فأخذته فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت شيئاً من إهالة فأدمته فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم )) . وأخرج ابن سعد أيضاً وأحمد بإسنادٍ صحيح إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن أم سلمة أخبرته – فذكر خطبتها وتزويجها – وفيه قالت : ((فأخذت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي وأخرجت شحماً فعصدته له ثم بات ثم أصبح )) اهـ (1) . هذه أم سلمة في أول الليل عروساً وفي آخره تعجن لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
(1) من فتح الباري ( 9/240 )
**************************************************
|
|