Admin مدير المنتدى
عدد المساهمات : 18996 التقييم : 35494 تاريخ التسجيل : 01/07/2009 الدولة : مصر العمل : مدير منتدى هندسة الإنتاج والتصميم الميكانيكى
| موضوع: من القصص في السنة - قصة أبي هريرة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم الإثنين 14 سبتمبر 2015, 7:25 pm | |
|
من القصص في السنة - قصة أبي هريرة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم
عن مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - كَانَ يَقُولُ: آللَّهِ الذي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بكبدي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بطني مِنَ الْجُوعِ ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الذي يَخْرُجُونَ مِنْهُ ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ ليشبعني ، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ ليشبعني ، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ حِينَ رآني وَعَرَفَ ، مَا في نفسي وَمَا في وجهي ثُمَّ قَالَ: « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ » . وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لي ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ فَقَالَ « مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ » . قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ . قَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: « الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لي ». قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فساءني ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا ، فَإِذَا جَاءَ أمرني فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يبلغني مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم- بُدٌّ ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا ، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ: « يَا أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: « خُذْ فَأَعْطِهِمْ » . قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ: « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ » . قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ: « اقْعُدْ فَاشْرَبْ » . فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ . فَقَالَ « اشْرَبْ » . فَشَرِبْتُ ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: « اشْرَبْ » . حَتَّى قُلْتُ لاَ والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا . قَالَ: « فأرني ». فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ(1).
شرح المفردات (2):
( آللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ) أي: والله بحُذِفَ حَرْف الْقَسَم، وَثَبَتَ فِي رِوَايَة بإثبات الْوَاوِ فِي أَوَّله. ( لأعتمد بكبدي ) ألصق بطني بالأرض . ( لأشد ) أربط وفائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال والقيام . ( طريقهم ) أي النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضي الله عنهم . (الصُّفَّة) مَكَان فِي مُؤَخَّر الْمَسْجِد النَّبَوِيّ مُظَلَّل أُعِدّ لِنُزُولِ الْغُرَبَاء فِيهِ مِمَّنْ لَا مَأْوَى لَهُ وَلَا أَهْل. ( أضياف الإسلام ) ضيوف المسلمين . ( يأوون ) ينزلون ويلتجئون . ( فساءني ذلك ) أهمني وأحزنني . ( فَحَمِدَ اللَّه وَسَمَّى) أَيْ: حَمِدَ اللَّه عَلَى مَا مَنَّ بِهِ مِنْ الْبَرَكَة الَّتِي وَقَعَتْ فِي اللَّبَن الْمَذْكُور مَعَ قِلَّته حَتَّى رَوِيَ الْقَوْم كُلّهمْ وَأَفْضَلُوا ، وَسَمَّى فِي اِبْتِدَاء الشُّرْب عليه الصلاة والسلام. ( وَشَرِبَ الْفَضْلَة ) أَيْ: الْبَقِيَّة.
من فوائد الحديث(2):
1- اِسْتِحْبَاب الشُّرْب مِنْ قُعُود. 2- َأَنَّ خَادِم الْقَوْم إِذَا دَار عَلَيْهِمْ بِمَا يَشْرَبُونَ يَتَنَاوَل الْإِنَاء مِنْ كُل وَاحِد فَيَدْفَعهُ هُوَ إِلَى الَّذِي يَلِيه وَلَا يَدْعُ الرَّجُل يُنَاوِل رَفِيقه لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ نَوْع اِمْتِهَان الضَّيْف. 3- َفِيهِ مُعْجِزَة عَظِيمَة ، وعلم من عَلَامَات النُّبُوَّة مِنْ تَكْثِير اللبن بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 4- قال ابن حجر: فيه جَوَاز الشِّبَع وَلَوْ بَلَغَ أَقْصَى غَايَته أَخْذًا مِنْ قَوْل أَبِي هُرَيْرَة: " لَا أَجِد لَهُ مَسْلَكًا "، وَتَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي اللَّبَن مَعَ رِقَّته وَنُفُوذه فَكَيْفَ بِمَا فَوْقه مِنْ الْأَغْذِيَة الْكَثِيفَة، لَكِنْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ خَاصًّا بِمَا وَقَعَ فِي تِلْكَ الْحَال فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ. وَقَدْ أَوْرَدَ التِّرْمِذِيّ عَقِب حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة هَذَا حَدِيث اِبْن عُمَر رَفَعَهُ " أَكْثَرهمْ فِي الدُّنْيَا شِبَعًا أَطْوَلهمْ جُوعًا يَوْم الْقِيَامَة " وَقَالَ : حَسَن. وَفِي الْبَاب أَيْضًا حَدِيث الْمِقْدَام بْن مَعْد يَكْرِب رَفَعَهُ " مَا مَلَأ اِبْن آدَم وِعَاء شَرًّا مِنْ بَطْنه " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا وَقَالَ حَسَن صَحِيح، قال الحافظ: وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يُحْمَل الزَّجْر عَلَى مَنْ يَتَّخِذ الشِّبَع عَادَة لِمَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْكَسَل عَنْ الْعِبَادَة وَغَيْرهَا ، وَيُحْمَل الْجَوَاز عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ ذلِكَ نَادِرًا وَلَا سِيَّمَا بَعْد شِدَّة جُوع وَاسْتِبْعَاد حُصُول شَيْء بَعْده عَنْ قُرْب. 5- أَنَّ كِتْمَان الْحَاجَة وَالتَّلْوِيح بِهَا أَوْلَى مِنْ إِظْهَارهَا وَالتَّصْرِيح بِهَا. 6-كَرَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيثَاره عَلَى نَفْسه وَأَهْله وَخَادِمه. 7- وَفِيهِ مَا كَانَ بَعْض الصَّحَابَة عَلَيْهِ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ضِيق الْحَال، وشظف العيش مع فضلهم، فعلى المسلم أن يتأسى بهم، فيصبر على ما يعرض له من شدة أو حاجة حتى يفرج الله عنه وييسر عليه. 8- َفَضْل أَبِي هُرَيْرَة وَتَعَفُّفه عَنْ التَّصْرِيح بِالسُّؤَالِ وَاكْتِفَاؤُهُ بِالْإِشَارَةِ إِلَى ذَلِكَ ، وَتَقْدِيمه طَاعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَظّ نَفْسه مَعَ شِدَّة اِحْتِيَاجه. 9- َفَضْل أَهْل الصُّفَّة وإِيثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم لحاجتهم، وقد كان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخُصّهُمْ بِمَا يَأْتِيه مِنْ الصَّدَقَة وَيُشْرِكهُمْ فِيمَا يَأْتِيه مِنْ الْهَدِيَّة ، قَالَ أَبُو نُعَيْم : كَانَ عَدَد أَهْل الصُّفَّة يَخْتَلِف بِحَسَبِ اِخْتِلَاف الْحَال فَرُبَّمَا اِجْتَمَعُوا فَكَثُرُوا وَرُبَّمَا تَفَرَّقُوا إِمَّا لِغَزْوٍ أَوْ سَفَر أَوْ اِسْتغناء فَقَلُّوا. 10- مشروعية الاستئذان وأَنَّ الْمُدَّعُو إِذَا وَصَلَ إِلَى دَار الدَّاعِي لَا يَدْخُل بِغَيْرِ اِسْتِئْذَان. كما يشرع َاسْتِئْذَان الْخَادِم عَلَى مَخْدُومه إِذَا دَخَلَ مَنْزِله. 11- وَفِيهِ جُلُوس كُلّ أَحَد فِي الْمَكَان اللَّائِق بِهِ، وهو أدب عظيم ينبغي للمسلم الأخذ به. 12- تواضع النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث َدعَا أبا هريرة بِالْكُنْيَةِ، مع التَرْخِيم لها. 13- قال ابن حجر: فيه َالْعَمَل بِالفَرَاسَةِ. 14- َقَبُول النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّة وَتَنَاوُله مِنْهَا وَإِيثَاره بِبَعْضِهَا الْفُقَرَاء ، وَامْتِنَاعه مِنْ تَنَاوُل الصَّدَقَة وَوَضْعه لَهَا فِيمَنْ يَسْتَحِقّهَا. 15- أن َشُرْب السَّاقِي يكون آخِرًا، وَشُرْب صَاحِب الْمَنْزِل بَعْده. 16- مشروعية حَمْد الله تعالى عَلَى النِّعَم ، وَالتَّسْمِيَة عِنْد الشُّرْب .
(1) - صحيح البخاري، رقم (6452). (2) - النووي، شرح صحيح مسلم (7/482) فتح الباري - ابن حجر - (18 / 272).
|
|